كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد ذهب الحنفية والشافعية إلى تخصيص الدم المحرم بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «و أحلت لنا ميتتان ودمان».
وذكر الكبد والطحال. والحق ما ذهب إليه مالك من أنه لا تخصيص لأن الكبد والطحال ليسا لحما ولا دما بالعيان والعرف.
وأما الخنزير فقد ذهب بعض الظاهرية إلى أن المحرم لحمه، لا شحمه، لأنّ اللّه قال: وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وقال الجمهور: إنّ شحمه حرام أيضا، وهو الصحيح، لأن اللحم يشمل الشحم.
فأما ما أهلّ به لغير اللّه. فقد نقل ابن جرير أن أهل التأويل اختلفوا فيه. فمنهم من قال: ما ذبح لغير اللّه. ونقله عن قتادة ومجاهد وابن عباس، ومنهم من قال: ما ذكر عليه غير اسم اللّه، ونقله عن الربيع وابن زيد.
وفيه خلاف آخر وهو: أهذا يشمل ذبائح النصارى التي ذكروا عليها اسم المسيح فتكون محرمة، أم لا يشملها فلا تكون محرمة، بل هو خاص بما ذكر عليه اسم الأصنام؟
بالأول قال أبو حنيفة وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، والشافعي، ومالك، ونقل عنه الكراهة.
وبالثاني قال عطاء، ومكحول، والحسن والشعبي، وسعيد بن المسيّب، وأشهب من المالكية.
وسبب اختلافهم: أنه وردت هذه الآية، ووردت الآية: {وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وكلاهما يصح أن تخصّص الأخرى، فيصح أن يكون المعنى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ما لم يذكر اسم غير اللّه عليه، بدليل: {وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} ويصحّ أن يقال: وما أهل به لغير اللّه إلا ما كان من أهل الكتاب. بدليل قوله: {وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ}. فمن ذهب إلى الأول حرّم ذبيحة الكتابي إذا ذكر عليها اسم المسيح، ومن ذهب إلى الثاني أجازها، ويمكن أن يرجّح الثاني بأن الآية نزلت في تحريم ما كان تذبحه العرب لأوثانها، وتكون في معنى قوله: {وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3].
{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
الباغي في اللغة: الطالب لخير أو لشر، وخص هنا بطالب الشر.
العادي: المجاوز ما يجوز إلى ما لا يجوز، وقد اختلف بالمراد بالباغي والعادي هنا: فذهب مجاهد وابن جبير إلى أن الباغي هنا: الخارج على الإمام، المفارق للجماعة. والعادي: قاطع السبيل. وقال قتادة والحسن وعكرمة: إنّ الباغي: آكل الميتة فوق الحاجة، والعادي: آكلها مع وجود غيرها. فعلى القول الأول: لا يجوز للخارج على الإمام ولا لقاطع السبيل إن اضطرا أن يأكلا من الميتة. ولكن يعترض على ذلك بأن بغي الباغي وعدوانه لا يبيحان له قتل نفسه بترك أكل المحرم عند الاضطرار.
وقد اختلفوا في المضطر، أيأكل من الميتة حتى يشبع. أم يأكل على قدر سد الرمق؟
ذهب مالك إلى الأول، لأن الضرورة ترفع التحريم فتعود الميتة مباحة. ومقدار الضرورة من حالة عدم القوت إلى حالة وجوده. وهو حينئذ لا يحمل قوله تعالى: {غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ} على أن المراد غير باغ في الأكل، ولا متعد حد الضرورة، بل يحمله على البغي والعدوان على الإمام.
وذهب غيره إلى الثاني، لأنّ الإباحة ضرورة، فتقدر بقدر الضرورة.
والحكمة في تحريم ما ذكر في الآية: أما الميتة فلا ستقذارها، ولما فيها من ضرر، لأنها إمّا أن تكون قد ماتت لمرض قد أفسد تركيبها. وجعلها لا تصلح للبقاء.
وإما لسبب طارئ.
فأما الأولى: فقد خبث لحمها. وتلوث بجراثيم المرض، فيخاف من عدواها ونقل مرضها إلى آكليها.
وأما الثانية: فلأنّ الموت الفجائي يقتضي بقاء المواد الضارّة في جسمها.
وأمّا الدم المسفوح، فلقذارته وضرره أيضا.
وأما لحم الخنزير، فلأن غذاءه من القاذورات والنجاسات، فيقذر لذلك ولأن فيه ضررا، فقد استكشف الأطباء أنّ لحم الخنزير يحمل جراثيم شديدة الفتك، ويظهر أيضا أن المتغذي من لحم الخنزير قد يكتسب من طباع ما يأكله، والخنزير فيه كثير من الطباع الخبيثة.
وأما ما أهل به لغير اللّه فتحريمه لحكمة مرجعها إلى صيانة الدين والتوحيد.
قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (178)}.
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ} فرض عليكم، ك قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} [البقرة: 183] ومنه الصلوات المكتوبات، وقول الشاعر:
كتب القتل والقتال علينا ** وعلى الغانيات جرّ الذّيول

{الْقِصاصُ} أن يفعل به مثل ما فعل. من قولهم: اقتص أثر فلان إذا فعل مثل فعله. قال اللّه تعالى: {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا} [الكهف: 64].
{الْقَتْلى} جمع قتيل، كالصرعى جمع صريع. وإنما يكون فعلى جمعا لفعيل إذا كان وصفا دالا على الزمانة.
العفو: يطلق في اللغة على معان المناسب منها هنا اثنان: العطاء والإسقاط، فمن الأول: جاد بالمال عفوا صفوا: أي مبذولا... ومن الثاني: {وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة: 286].
و«عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق» واختلفوا في سبب نزول هذه الآية.
فروي عن قتادة أنه كان في أهل الجاهلية بغي وطاعة الشيطان، فكان الحي إذا كان فيهم عدة ومنعة، فقتل عبد قوم آخرين عبدا لهم قالوا: لا نقتل به إلا حرّا، اعتزازا بأنفسهم على غيرهم، وإن قتلت لهم امرأة، قالوا: لا نقتل بها إلا رجلا، فأنزل اللّه هذه الآية. يخبره أن العبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فنهاهم عن البغي. ثم أنزل اللّه تعالى ذكره في سورة المائدة بعد ذلك: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ} [المائدة: 45] وروي مثل ذلك عن الشعبي وجماعة من التابعين.
وروي عن السدي أنه قال في هذه الآية: اقتتل أهل ملتين من العرب أحدهما مسلم، والآخر معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر، فأصلح بينهم النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء، على أن يؤدي الحر دية الحر، والعبد دية العبد، والأنثى دية الأنثى. فقاصهم بعضهم من بعض.
ويكون معنى الآية على الأول: يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم أن تقتصوا للقتيل من قاتله، ولا يبغينّ بعضكم على بعض. فإذا قتل الحرّ الحرّ فاقتلوه فقط، وإذا قتل العبد العبد فاقتلوه به. وإذا قتلت الأنثى الأنثى فاقتلوها بها: مثلا بمثل. ودعوا الظلم الذي كان بينكم، فلا تقتلوا بالحر أحرارا، ولا بالعبد حرا، ولا بالأنثى رجلا.
فمن ترك له شيء من القصاص إلى الدية. فليحسن الطالب في الطلب: من غير إرهاق ولا تعنيف، وليحسن المؤدي الأداء من غير مطل ولا تسويف، ذلك الذي شرعته من العفو إلى الدية تخفيف من ربكم ورحمة.
وقد كان محرّما على اليهود أخذ الدية، ولم يكن لأولياء المقتول إلا القصاص، فمن تجاوز بعد أخذ الدية وقتل القاتل، فله عذاب أليم، أو فمن تجاوز ما شرعته، وعاد إلى أمر الجاهلية فله عذاب أليم.
فإن قيل: إن صدر الآية يوجب القصاص، وعجزها يجيز العفو عنه إلى الدية.
فكيف يجمع بينهما؟ قيل: إن صدر الآية أوجب القصاص والمماثلة إذا أريد قتل القاتل، ومنع العدوان والظلم. فلا منافاة بين صدرها وعجزها.
وقد اختلف العلماء في نظم الآية وما يفهم منها. وبناء على ذلك اختلفوا فيما يؤخذ منها من الأحكام، فمن ذلك اختلافهم: أيقتل الحر بالعبد أم لا؟ أو يقتل المسلم بالذمي أم لا؟ فذهبت الحنفية إلى الأول، والمالكية والشافعية والحنابلة إلى الثاني، ونحن سنشير هنا إلى الأساس الذي بني عليه الخلاف.
الأساس الذي بني عليه الخلاف هو: أصدر الآية كلام مكتف بنفسه؟ أم هو غير مكتف بنفسه، بل محتاج إلى العجز؟ ولا يتم الكلام إلى عند قوله: {وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى} ذهب الحنفية إلى الأول، والآخرون إلى الثاني.
قال الحنفية: إنّ اللّه أوجب قتل القاتل بصدر الآية. وهذا يعم كلّ قاتل: سواء كان حرا قتل عبدا أم غيره. وسواء كان مسلما قتل ذميا أم غيره.
وأما قوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} فإنما هو بيان لما تقدّم ذكره على وجه التأكيد، وذكر الحال التي خرج عليها الكلام، وهي ما كان يفعله بعض القبائل، من أنهم يأبون أن يقتلوا في عبدهم إلا حرا، وفي امرأتهم إلا رجلا. على ما جاء في حديث الشعبي.
فأبطل ما كان من الظلم، وأكّد فرض القصاص على القاتل دون غيره، وإذا كان ذلك كذلك فليس في الآية دلالة على أنه لا يقتل الحر بالعبد، كما أنها لم تدل باتفاق على أنه لا يقتل الرجل بالمرأة، وكما أنها تدل على أنه لا يقتل العبد بالحر، ولا المرأة بالرجل باتفاق أيضا، فمناط الاستدلال عندهم: أن صدر الآية عامّ، وذكر الحر بالحر وما بعده ليس تقييدا، بل هو إبطال لما كانوا يفعلونه من الظلم.
وقالوا: في معنى الآية قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] فانتظم جميع المقتولين ظلما، عبيدا كانوا أو أحرارا، مسلمين أو ذميين، وجعل لوليهم سلطانا، وهو القود.
وقوله: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وهو عموم في إيجاب القصاص في سائر المقتولين، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ، ولم نجد ناسخا.
وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وقوله: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126].
وقد جاءت السنة أيضا بما يفيد هذا العموم في العبيد، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم».
فقال: «المسلمون تتكافأ دماؤهم».
ولم يفرّق بين عبد وحرّ في ذلك.
فإن قيل: إن قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة: 178] يفيد أن الآية في المسلمين، قالوا: إنّ هذا حكم، وهذا حكم، وخصوص الثاني لا يفيد خصوص الأول.
قال اللّه تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].
وهذا عموم في المطلّقة ثلاثا وما دونها، ثم عطف قوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] وقوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحًا} [البقرة: 228].
وهذا خاصّ في المطلقة دون الثلاث، فخصوص هذا لم يبطل عموم اللفظ في الأول.
وقالت المالكية والشافعية: إن الكلام لا يتم عند قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى} وإنما ينقضي عند قوله: {وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى} فاللّه قد أوجب المساواة، ثم بيّن المساواة المعتبرة، فبيّن أن الحرّ يساويه الحرّ، والعبد يساويه العبد، والأنثى تساويها الأنثى، وقد كان التقسيم يوجب ألا يقتل الرجل بالمرأة، ولكن جاء الإجماع على أنّ الرجل يقتل بالمرأة.
فمناط الاستدلال عندهم أن اللّه أوجب المساواة والمماثلة في القتل، ثم جاء بالأصناف ليبين المساواة المعتبرة، فكأنه كتب أن يقتل القاتل إذا كان مساويا للمقتول في الحرية.
وإذا كان الحر لا يقتل بالعبد، فالمسلم لا يقتل بالذمي، لأن نقص العبد برقّه الذي هو من آثار الكفر، فلا يقتل به المسلم، ويدل له صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده».
قالوا: وقد كان ظاهر الآية يفيد ألّا يقتل العبد بالحر، ولكنا نظرنا إلى المعنى، فرأينا أن العبد يقتل بالعبد، فأولى أن يقتل بالحر، وإذن فالآية قد جاءت لتبيّن من هم أقل في المساواة، فلا يقتل بهم من هو أعلى منهم، فلا ينافي ذلك أن يقتل الأنقص بالأزيد، ويعضّد هذا ما ذهب إليه أبو حنيفة من أنه لا مساواة بين طرف الحر وطرف العبد، ولا يجري القصاص بينهما في الأطراف، فكذلك لا يجب أن يجري في الأنفس.
والعقل يميل إلى تأييد قول أبي حنيفة في هذه المسألة، لأنّ هذا التنويع والتقسيم الذي جعله الشافعية والمالكية بمثابة بيان المساواة المعتبرة قد أخرجوا منه طردا وعكسا الأنثى بالرجل، فذهبوا إلى أن الرجل يقتل بالأنثى، والأنثى تقتل بالرجل، وذهبوا إلى أن الحر لا يقتل بالعبد، ولكنهم أجازوا قتل العبد بالحر، فهذا كلّه يضعف مسلكهم في الآية.
أما مسلك أبي حنيفة فيها فليس فيه هذا الضعف، وحينئذ يكون العبد مساويا للحر، ويكون المسلم مساويا للذمي في الحرمة، محقون الدم على التأييد، وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام.
ويعضّد هذا أنّ مال الذمي قد ساوى مال المسلم في الحرمة، فإن سرقه مسلم قطع فيه، فإذا كان لماله حرمة مال المسلم فوجب أن يكون لدمه حرمة دم المسلم، إذ حرمة ماله إنما هي تبع لحرمة دمه، ويعضّد ما ذهب إليه أبو حنيفة من شرع قتل المسلم بالذمي ما رواه الطحاوي عن محمد بن المنكدر، أن النبي عليه الصلاة والسلام أقاد مسلما بذمي، وقال: «أنا أحق من وفّى بذمته».
وقد روي عن عمر وعلي قتل المسلم بالذمي، وقال علي: إنّا أعطيناهم الذي أعطيناهم لتكون دماؤهم كدمائنا، ودياتهم كدياتنا.
وأما حديث: «لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده».
فله ضروب من التأويل أحسنها: أن رجلا من خزاعة قتل رجلا من هذيل بذحل الجاهلية.
فقال عليه الصلاة والسلام: «ألا إنّ كلّ دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدميّ هاتين، لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده».
يعني بالكافر الذي قتل في الجاهلية، فيكون ذلك تفسيرا لقوله: «كلّ دم كان في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي هاتين».
ويكون قوله: «و لا ذو عهد في عهده» في معنى قوله: {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4] وقد ذكر علماء الأصول تأويلات يمنعنا خوف الإطالة من ذكرها.
وآيات القصاص عامّة في كل قاتل قتل عمدا، ولكن وردت أحاديث تفيد تخصيصها، فمن ترجّحت عنده واشتهرت، خصص بها الآية.
فمن ذلك ما روي عن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يقتل والد بولده».
وفي رواية عنه أيضا «لا يقاد الأب بابنه»، وقد حكم بذلك عمر أمام جمع من الصحابة من غير نكير، فكان في منزلة الخبر المستفيض، فجاز أن يخصّص الآية، وقد أخذ به أبو حنيفة والشافعي.
وروي عن مالك أنه إذا ظهر منه قصد القتل كأن أضجعه وذبحه قتل به، وإن رماه بسلاح أدبا، أو خنقه لم يقتل به.
وقد اختلف العلماء: أتقتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله أم لا؟ فذهب أكثر فقهاء الأمصار: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد والثوري وأبو ثور وغيرهم إلى أنه تقتل الجماعة بالواحد قلّت الجماعة، أو كثرت.
وروي عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم جميعا.
وقال داود وأهل الظاهر: لا تقتل الجماعة بالواحد، واستند إلى ظاهر الآية، لأنها شرطت المساواة والمماثلة، ولا مساواة بين واحد والجماعة. وإلى قوله: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45].
وجمهور الفقهاء نظروا إلى المعنى: وهو أنّ الشارع شرع القصاص لحفظ الأنفس، وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ولو علم الناس أن الجماعة لا تقتل بالواحد لتمالأ الأعداء على قتل عدوهم، وبلغوا مرادهم من قتله، ونجوا من القود بالاجتماع. والآية لا تدل على أن الجماعة لا تقتل بالواحد، لأنها جاءت في منع حميّة الجاهلية التي كانت تدعو القبيلة إلى أن تقتل بقتيلها من قتل ومن لم يقتل افتخارا، بل قد يؤخذ من الآية ما يدل للجمهور، لأن المراد بالقصاص قتل من قتل كائنا من كان، واحدا، أو جماعة.
وقد ذهب مالك والشافعي إلى أنّ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ يقتضي المماثلة في كيفية القتل، فيقتص من القاتل على الصفة التي قتل بها. فمن قتل تغريقا، قتل تغريقا، ومن رضخ رأس إنسان بحجر فقتله، قتل برضخ رأسه بالحجر. واحتجوا بحديث أنس أنّ يهوديا رضخ رأس امرأة بحجر، فرضخ النبيّ رأسه بحجر.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن المطلوب بالقصاص إتلاف نفس بنفس، والآية لا تقضي أكثر من ذلك. فعلى أيّ وجه قتله لم يقتل إلا بالسيف. واستدلوا بحديث النعمان بن بشير قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا قود إلا بالسّيف».
وقالوا: قد ورد عن عمران بن حصين وغيره أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: نهى عن المثلة.
وقتله بما قتل به قد يؤدي إلى المثلة، وقد ورد عن شداد بن أوس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة».
فأوجب عموم لفظه على من له قتل على جان، ورغب في القصاص أن يقتله بأحسن وجوه القتل.
وقالوا: إذا ثبت حديث أنس، كان منسوخا بالنهي عن المثلة، وحكي عن القاسم بن معن أنه حضر مع شريك بن عبد اللّه عند بعض السلاطين، فقال: ما تقول فيمن رمى رجلا بسهم فقتله؟
قال: يرمى فيقتل، قال: فإن لم يمت بالرمية الأولى؟
قال: يرمى ثانية.
قال: أفتتّخذونه غرضا وقد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتّخذ شيء من الحيوان غرضا؟ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ.
قد ذكرنا أن المناسب من معاني العفو هنا: الإسقاط، أو العطاء. فذهب الشافعي إلى أن المراد هنا الإسقاط، والمعنى: فأيّ قاتل ترك له من أخيه شيء من القصاص فاتبعه أيها القاتل، وأدّ إليه بإحسان، وبناء على ذلك يكون موجب القتل العمد عنده أحد أمرين: إمّا القصاص، وإما العفو إلى الدية، فأيهما اختار الولي أجبر الجاني عليه. وهو رواية أشهب عن مالك. وروي عن ابن عباس: العفو أن تقبل الدية في العمد. ونحوه عن قتادة، ومجاهد وعطاء، والسدي.
وذهب غيرهم إلى أن العفو العطاء، أي فمن أعطي له من أخيه شيء من المال فليتبعه بالمعروف، وليؤد إليه الجاني، وحينئذ لا يكون في الآية ما يدل على إلزام القاتل بالدية إذا رضيها الولي. وبناء على ذلك ذهبوا إلى أن موجب القتل العمد القصاص فقط. فإذا عفا الولي إلى الدية، ولم يقبل الجاني لم يجبر، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وهو رواية القاسم عن مالك.
ويدل للمذهب الأول ما روي من أنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إمّا أن يفدى وإما أن يقتل».
قال اللّه تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)}.
بعد أن بيّن اللّه شرع القصاص ذكر الحكمة فيه، فقال: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ أي ولكم يا أولي العقول فيما شرعت لكم من القصاص حياة وبقاء، لعلكم تتقون القصاص، فتنتهوا عن القتل.
وإنما كان في شرع القصاص حياة، لأنّ الناس إذا علموا أن من قتل يقتل كفّ بعضهم عن بعض. فإذا همّ أحد بقتل أخيه أوجس خيفة من القصاص، فكفّ عن القتل، فكان في ذلك حياة له وحياة لمن أراد قتله وحياة لغيرهما من الناس، فربما وقعت الفتنة بالقتل، فيقتل فيها خلق كثير، وشرع القصاص حاجز لذلك كله، وهذا على أنّ المراد بالقصاص شرع القصاص ويمكن أن يراد منه القصاص نفسه، ويكون المعنى أن في القصاص نفسه حياة، لأنّ القاتل إذا اقتصّ منه كان عبرة لغيره، فيرتدع من يهمّون بالقتل، فلا يقتلون ولا يقتلون، فكان القصاص سببا للحياة، وهناك وجه آخر ذكره السدي فقال: ولكم في القصاص حياة أي بقاء، لا يقتل إلا القاتل بجنايته.
وقد نقل اللّه بهذه الآية العقوبات من معنى إلى معنى سام جليل: فقد كانت العقوبات انتقاما في الأزمنة السالفة، ينتقم بها المجتمع من المجرمين، فجعل اللّه الغرض منها الاستصلاح وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ولم يقل انتقام، ولقد رقت قلوب قوم من رجال التشريع الوضعي!! فاستفظعوا قتل القاتل، ورحموه من القتل!! ولقد كان المقتول ظلما أولى برحمتهم وعطفهم، وإذا رحموا القاتل فمن يرحم المجتمع الذي يكثر فيه المجرمون الفسّاد، ولعمرنا إنهم نظروا نظرة ضيقة، ولو نظروا نظرة عامة شاملة لكانت رحمتهم هذه هي التي تدعوهم إلى القصاص والقسوة فيه، فإنّ من يرحم الناس يسعى لتقليل الشر عنهم، وكف عادية المعتدين.
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما ** فليقس أحيانا على من يرحم

ولقد عبّرت العرب عن هذا المعنى بعبارات مختلفة، منها قولهم: قتل البعض إحياء للجميع، وقولهم: أكثروا القتل ليقلّ القتل، وأجود ما قالوه في ذلك قولهم: القتل أنفى للقتل.
والنظم الكريم وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ قد فاق تلك بمراحل، ويدل على ذلك أمور:
1- أنها أخص.
2- أن قولهم: القتل أنفى للقتل ظاهره أن القتل سبب في نفي القتل، وهو محال، بخلاف الآية، فإنّها جعلت القصاص، وهو نوع من القتل، فيه نوع من الحياة، بدليل التنكير، ولا إحالة في أن يكون نوع من القتل سببا لنوع من الحياة.
3- أن القتل ظلما قتل، وليس نافيا للقتل، بل هو أدعى للقتل، فيكون ذلك مبطلا لظاهر عموم قولهم. وثمّ وجوه أخرى لم نشأ الإطالة بها.
قال اللّه تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)}.
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ} فرض عليكم.
الخير: ضد الشر، والمراد به هنا: المال، وقد ورد في القرآن كثيرا بمعنى المال، قال تعالى: {وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} [البقرة: 272] {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} [العاديات: 8] {إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].
الوصية: القول المبين لما يستأنف عمله. وهي هنا مخصوصة بما بعد الموت وهي كذلك في العرف.
المعروف: ضد المنكر، وليس المراد بقوله: {إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} وقت حضور الموت ومعاينته، لأنّ هذا الوقت لا يعي فيه المرء ما يقول، بل المراد علامات الموت وأماراته، وذلك كالمرض المخوف.
وقد اختلف في ذلك المال الذي كتبت فيه الوصية. فقيل: هو الكثير، وقيل: أيّ مال قليلا كان أو كثيرا. والأولون اختلفوا، فقيل: هو الكثير غير محدود.
وبعضهم حدّده. واختلفوا في التحديد، فعن ابن عباس: إذا ترك سبعمائة درهم، فلا يوصي، فإن بلغ ثمانمائة درهم أوصى.
وعن قتادة: ألف درهم، وعن عائشة: أن رجلا قال لها: إني أريد أن أوصي.
قالت: كم مالك؟ قال: ثلاثة آلاف. قالت: كم عيالك؟ قال: أربعة. قالت: قال اللّه إِنْ تَرَكَ خَيْرًا وإنّ هذا الشيء يسير، فاتركه لعيالك، فهو أفضل، والظاهر قول من قال: إن المراد المال مطلقا، قليلا، كان أو كثيرا. لأن اسم الخير يقع على قليل المال وكثيره، ولم يخصّ اللّه منه شيئا دون شيء.
وهذه الآية قد دلّت على وجوب الوصية، واختلف العلماء فيها: أهي منسوخة أم محكمة لم تنسخ؟ وجمهور العلماء على أنها منسوخة. قال الشافعي رضي اللّه عنه ما معناه: إن اللّه تعالى أنزل آية الوصية، وأنزل آية المواريث، فاحتمل أن تكون الوصية باقية مع الميراث، واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصايا. وقد طلب العلماء ما يرجّح أحد الاحتمالين، فوجدوه في سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقد روى عنه أصحاب المغازي أنه قال عام الفتح: «لا وصيّة لوارث».
وهو وإن كان خبر آحاد إلا أن العلماء تلقته بالقبول، وأجمعت العامة على القول به.
ثم إن القائلين بالنسخ اختلفوا: فذهب طاوس وقوم معه: إلى أن الوصية للوالدين والأقربين الوارثين نسخت، وبقيت للقرابة غير الوارثين، فمن أوصى لغير قرابة لم تجز، وذهب غيرهم إلى أنها منسوخة في حقّ من يرث، وحق من لا يرث. وحجة الأولين: أن الوصية لمن يرث ومن لا يرث من الأقربين كانت واجبة بالآية، فنسخت منها الوصية للوارثين، وبقيت للأقربين غير الوارثين على الوجوب.
ويؤكد هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «ما حقّ امرئ مسلم له مال أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
وحجة الآخرين ما رواه الشافعي عن عمران بن الحصين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حكم في ستة مملوكين كانوا لرجل لا مال له غيرهم فأعتقهم عند الموت، فجزأهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأرقّ أربعة فلو كانت الوصية واجبة للأقربين وإذا جعلت في غيرهم بطلت لما أجازها صلّى اللّه عليه وسلّم في العبدين، لأن عتقهما وصية لهما، وهما غير قريبين، وقد ذهب أبو مسلم الأصفهاني إلى أنّ آية الوصية محكمة غير منسوخة، نقل ذلك عنه الفخر الرازي، وقرر مذهبه بوجوه:
أولا: أنّ هذه الآية ليست مخالفة لآية المواريث، بل هي مقررة لها، والمعنى: كتب ما أوصى اللّه به من توريث الوالدين والأقربين في قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] إذا كتب على المحتضر أن يوصي للوالدين، والأقربين بتوفير ما أوصى اللّه به لهم عليهم.
ثانيا: أنه لا منافاة بين ثبوت الوصية للأقرباء وثبوت الميراث، فالوصية عطية من حضره الموت، والميراث عطية من اللّه تعالى، فالوارث جمع له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين.
ثالثا: لو قدّر حصول المنافاة بين آية الميراث وآية الوصية لكان يمكن جعل آية الميراث مخصّصة لآية الوصية لأن هذه الآية تفهم بعمومها أن الوصية واجبة لكلّ قريب، وآية المواريث أخرجت القريب الوارث، فبقيت آية الوصية مرادا بها القريب الذي لا يرث، إمّا لمانع من الإرث ككفر ورق، وإما لأنه محجوب بأقرب منه، وإما لأنه من ذوي الأرحام.
وابن جرير الطبري ذهب في تفسيره إلى هذا القول فقال في تفسير الآية: فرض عليكم أيها المؤمنون الوصيّة إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا والخير: المال لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ الذين لا يرثون بِالْمَعْرُوفِ وهو الذي أذن اللّه فيه وأجازه في الوصية، ما لم يجاوز الثلث، ولم يتعمّد الموصي ظلم ورثته حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ يعني بذلك فرض عليكم هذا وأوجبه وجعله حقا واجبا على من اتقى اللّه فأطاعه أن يعمل به.
فإن قال قائل: أو فرض على الرجل ذي المال أن يوصي لوالديه وأقربيه الذين لا يرثون؟ قيل: نعم. وقد نقل مثل ذلك عن جماعة من العلماء منهم: الضحّاك فقد كان يقول: من مات ولم يوص لذي قرابته فقد ختم عمله بمعصية، ومنهم مسروق فقد حضر رجلا فأوصى بأشياء لا تنبغي، فقال له مسروق: إن اللّه قسم بينكم فأحسن القسم، وإنه من يرغب برأيه عن رأي اللّه يضلّه، أوص لذي قرابتك ممن لا يرثك، ثم دع المال على ما قسمه اللّه عليه.
وقد ذهب القائلون بأنها منسوخة إلى أنها تندب، وتكون في ثلث ماله، ومعنى قوله: {بِالْمَعْرُوفِ} بالعدل الذي لا وكس فيه ولا شطط، وقد بيّنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله لمن أراد أن يوصي: «الثلث والثلث كثير».
وقد روي عنه عليه صلوات اللّه أنه قال: «إنّ اللّه أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم».